إنّى كنت بدأت به فدخلت عليه وهو حىّ. فقال له النعمان: يبعثك الملك إلىّ فتدخل إليه قبلى، كذبت! ولكنّك ارتشيت وتهدّده، ثم استدعاه بعد ذلك وزاده جائزة وكسوة واستوثق «١» منه وصرفه الى كسرى. فلمّا رجع إليه قال له: قد مات قبل مقدمى على النعمان.
قال: ثم ندم النعمان على قتل عدىّ ندما شديدا واجترأ أعداء عدىّ على النعمان وهابهم، ثم ركب النعمان فى بعض أيّامه للصّيد فلقى ابنا لعدىّ بن زيد، فكلّمه فإذا هو غلام ظريف ففرح به النعمان وقرّبه ووصله واعتذر إليه، ثم جهّزه «٢» الى كسرى وكتب إليه: إنّ عديّا كان ممن أعين به الملك فى نصيحته ورأيه، فانقضت مدّته وانقطع أجله، ولم يصب به أحد أشدّ من مصيبتى، وإنّ الملك لم يكن ليفقد رجلا من عبيده إلّا جعل الله له منه خلفا، وقد أدرك له ابن ليس هو دونه، وقد سرّحته إلى الملك فإن رأى أن يجعله مكان أبيه ويصرف عمّه إلى عمل آخر فعل. فأجابه كسرى إلى ذلك ورتّبه فى وظيفة أبيه، وسأله عن النعمان فأحسن الثناء عليه، فمكث سنوات على منزلة أبيه وأعجب به كسرى. وكان لصاحب هذه الرّتبة على العرب وظيفة فى كلّ سنة من الأفراس والمهارة «٣» والكمأة والأقط والأدم وغير ذلك، وهو يلى ما يكتب عن كسرى إلى العرب.
قال: ثم تمكّن زيد بن عدىّ بن زيد عند كسرى حتّى كان يجتمع به فى أوقات خلواته، فدخل عليه فى بعض الأيّام فكلّمه فيما دخل بسببه؛ ثم جرى ذكر النساء.
وكانت عند الأكاسرة صفات امرأة، ومن رسمهم أن يطلبوا للملك من هى متّصفة