حتى انتهى الملك إلى كسرى أبرويز بن هرمز. فلمّا قرئت هذه الصفة عليه قال له زيد بن عدىّ: أيها الملك، أنا أخبر بآل المنذر، وعند عبدك النعمان من بناته وبنات عمّه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة. فقال له كسرى: اكتب فيهنّ إليه. فقال: أيها الملك، إنّ شرّ شىء فى العرب وفى النعمان [خاصّة «١» ] أنهم يتكرّمون-[زعموا «٢» ] فى أنفسهم- عن «٣» العجم، فابعثنى اليه وابعث معى رجلا [من ثقاتك «٤» ] يفقه العربية. فبعث معه رجلا جلدا [فهما «٥» ] ، فخرج به زيد حتى أتى الحيرة ودخل على النعمان؛ فلما دخل عليه عظّم الرسول أمر كسرى وقال له: إنه قد احتاج إلى نساء لأهله وولده فأراد كرامتك [بصهره «٦» ] وبعث إليك فيهنّ. فقال النعمان: وما صفة هؤلاء النّسوة؟ قال: هذه صفتهنّ قد جئناك بها، وقرأها على زيد بن عدىّ، فشقّ ذلك على النعمان وقال لزيد وللرسول: أما فى مها السّواد وعين فارس ما تبلغون به حاجتكم؟ فقال الرسول لزيد: ما المها والعين؟ قال: البقر. فقال زيد للنعمان: إنما أراد الملك كرامتك، ولو علم أنّ ذلك يشقّ عليك لما كتب إليك، فأنزلهما [يومين عنده «٧» ] ثم كتب الى كسرى. إنّ الذى طلب الملك ليس عندى. ثم قال لزيد:
أعذرنى عنده. فلمّا رجعا الى كسرى قال لزيد: أين ما كنت أخبرتنى به؟ قال:
قد كنت أخبرتك بضنّتهم بنسائهم على غيرهم، وإنّ ذلك من شقائهم، فسل هذا الرسول عن مقالة النعمان فإنى أكره أن أواجه الملك بما قاله، فقال للرسول:
وما قال؟ قال إنه قال: أما فى بقر السواد [وفارس «٨» ] ما يكفى الملك حتى يطلب