للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سبب خروجه من اليمن واطّلاعه على خبر سيل العرم قبل حدوثه دون غيره من الناس أنه كان له امرأة كاهنة يقال لها: طريفة الخير، وكانت قد رأت فى منامها أنّ سحابة غشيت أرضهم فأرعدت وأبرقت ثم أصعقت فأحرقت كلّ ما وقعت عليه، ففزعت طريفة الخير لذلك فزعا شديدا وأتت إلى زوجها عمرو بن عامر وقالت: ما رأيت اليوم أزال عنى النوم. فقال لها: ما رأيت؟ قالت: رأيت غيما أرعد وأبرق طويلا ثم أصعق فما وقع على شىء إلّا احترق. قال: فلمّا رأى ما داخلها من الرّوع والفزع سكّنها.

ثم إنّ عمرا بعد ذلك دخل حديقة له ومعه جارية من بعض جواريه، فبلغ ذلك امرأته طريفة فخرجت إليه ومعها وصيف لها اسمه سنان «١» ، فلمّا برزت من بيتها عرض لها ثلاث مناجد منتصبات على أرجلها، واضعات أيديها على أعينها. قال:

والمناجد: دوابّ تشبه اليرابيع «٢» . فلمّا نظرت طريفة إليها قعدت الى الأرض ووضعت يديها على عينيها وقالت لغلامها: إذا ذهبت هذه المناجد فأخبرنى، فلمّا ذهبت أعلمها فانطلقت مسرعة، فلمّا عارضها خليج الحديقة التى فيها عمرو وثبت سلحفاة من الماء فوقعت فى الطريق على ظهرها وجعلت تروم الانقلاب ولا تستطيع، وتستعفر بيديها وتحثو التراب على بطنها من جنباته وتقذف بالبول. فلمّا رأتها طريفة الخير جلست إلى الأرض. فلمّا عادت السّلحفاة إلى الماء مضت طريفة حتى دخلت الحديقة على عمرو حين انتصف النهار فى ساعة شديدة الحرّ فإذا الشجر يتكافأ من غير ريح، فلمّا رآها عمرو استحيى منها وأمر الجارية بالتنحّى