للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال لها: ما أتى بك يا طريفة؟ فكهنت وقالت: والنور والظلماء، والأرض والسماء، إنّ الشجر لهالك، وليعودنّ الماء كما كان فى الزمن السالك. قال لها عمرو:

ومن خبّرك بهذا؟ قالت: أخبرنى المناجيد بسنين شدائد، يقطع فيها الولد الوالد.

قال: فما تقولين؟ قالت: أقول قول النّدمان لهفا، لقد رأيت سلحفاة تجرف التراب جرفا، وتقذف بالبول قذفا، فدخلت الحديقة فإذا الشجر من غير ريح يتكافأ. قال عمرو: وما ترين فى ذلك؟ قالت: هى داهية دهياء من أمور جسيمة، ومصائب عظيمة. قال: وما هو ويلك؟ قالت: أجل، إنّ فيه الويل، ومالك فيه من نيل، وإنّ الويل فيما يجىء به السيل. فألقى عمرو نفسه على فراشه وقال:

ما هذا يا طريفة؟ قالت: هو خطب جليل، وخزى طويل، وخلف قليل، والقليل خير من تركه. قال: وما علامة ما تذكرين؟ قالت: اذهب الى السدّ فإن رأيت جرذا يكثر يديه فى السدّ الحفر، ويقلب برجليه مراجل الصّخر، فاعلم أن الغمر غمر «١» ، وإن [قد «٢» ] وقع الأمر. قال: وما هذا الذى تذكرين؟ قالت: وعد من الله نزل، وباطل بطل، ونكال بنا نكل. قال: فانطلق عمرو الى السدّ فحرسه فإذا لجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلبها خمسون رجلا، فرجع إليها وهو يقول:

أبصرت أمرا عادنى منه ألم ... وهاج لى من هوله برح السّقم

من جرذ كفحل خنزير الأجم ... أو كبش صرم من أفاويق الغنم

يقلب صخرا من جلاميد العرم ... له مخاليب وأنياب قضم

ما فاته صخر من الصخر قصم