للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجتمعت جديس فقال لهم الأسود بن عفار، وكان مطاعا فيهم: لتطيعنّنى [فيما آمركم به «١» ] أو لأتّكئنّ على سيفى حتى يخرج من ظهرى. قالوا: فإنّا نطيعك. قال: إنّ طسما ليسوا بأعزّ منكم، ولكن ملك صاحبهم هو الذى يذعننا إليهم بالطاعة، ولو امتنعتم منهم لكان لكم النّصف «٢» . قالوا: إنّ القوم أكثر منّا عددا وعددا. قال: إنّى صانع طعاما فأدعوهم إليه، فإذا جاءوكم متفضّلين فى الحلل نهضنا إليهم بأسيافنا. فقالت عفيرة لأخيها: لا تفعل! فإنّ الغدر ذلّة وعار، ولكن كاثروا القوم فى ديارهم فتظفروا أو تموتوا كراما. قال: بل نمكر بهم فنكون أمكن منهم. ثم صنع الأسود طعاما وأمر قومه أن يخترطوا سيوفهم ثم يدفنوها فى الرمل. ودعا عمليقا وقومه، فلمّا أتوا استثارت جديس السيوف وشدّوا عليهم فما أفلت منهم إلّا رياح بن مرّة، ففرّ إلى حسّان بن تبّع فاستغاث به وأخبره بما صنعته جديس بطسم فوعده النصرة، ثم نادى حسّان فى حمير بالمسير وأخبرهم بما صنعت جديس بطسم؛ فقالوا:

وما جديس وطسم؟ قال: هما أخوان. قالوا: فما لنا فى هذا من أرب.

قال حسّان: أرأيتم لو كان هذا فيكم أكان حسنا لملككم أن يهدر «٣» دماءكم.

وما علينا فى الحكم إلّا أن ننصف بعضهم من بعض. فقالوا: الأمر أمرك أيّها الملك فمرنا بما أحببت. فأمرهم بالمسير، فساروا حتى إذا كانوا من اليمامة على ثلاث ليال قال رياح بن مرّة لحسّان بن تبّع: أبيت اللعن! إنّ لى أختا متزوّجة فى جديس تنظر الراكب على مسيرة ثلاث ليال وأخاف أن تنذر قومها، فأمر كلّ إنسان أن يقتلع شجرة من الأرض ويجعلها أمامه، فأمرهم حسّان بذلك. ثم ساروا، فنظرت أخت رياح فقالت: يا جديس! لقد سارت إليكم الشّجر. فقالوا لها: