للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذاك؟ قالت: أرى شجرا، من ورائه بشرا، وإنّى لا أرى رجلا من وراء شجرة ينهش كتفا أو يخصف نعلا، فكذّبوها وغفلوا عن أخذ أهبة الحرب حتى صبّحتهم حمير. ففى ذلك تقول زرقاء اليمامة:

خذوا لهم حذركم يا قوم ينفعكم ... فليس ما قد أراه اليوم يحتقر

إنّى أرى شجرا من خلفه بشر ... فكيف تجتمع الأشجار والبشر

صفّوا الطوائف منكم قبل داهية ... من الأمور التى يخشى وتنتظر

إنّى أرى رجلا فى كفّه كتف ... أو يختصف النّعل خصفا ليس يعتذر «١»

ثوروا بأجمعكم فى وجه أوّلهم ... فإنّ ذلك منكم- فاعلموا- ظفر

وغوّروا كلّ ماء دون منزلهم ... فليس من دونه «٢» نحس ولا ضرر

أو عاجلوا القوم عند الليل إن رقدوا ... ولا تخافوا «٣» لها حربا وإن كثروا

فلمّا كان حسّان على مسيرة ليلة عبّأ جيشه ثم صبّحهم فاستباح اليمامة قتلا وسبيا، وهرب الأسود حتى نزل بطيّىء فأجاروه من كلّ من يطلبه وهم لا يعرفونه. وقبيلته فى طيّىء مذكورة. ثم إنّ حسانا أمر باليمامة فنزع عينيها فإذا فى داخلها عروق سود، فسألها عن ذلك فقالت: حجر أسود كنت أكتحل به يقال له الإثمد فثبّت لى بصرى. وقيل: إنها أوّل من اكتحل بالإثمد؛ فأمر بها فصلبت على باب جوّ.

وقيل: سمّى جوّ باليمامة من ذلك الوقت. وفى ذلك يقول رياح بن مرّة لمّا أخذ بثأره: