للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وويلا؛ وأطار حمامك غرابك، وحجب ضياءك ضبابك؛ فصار عرسك مأتما، «وعاد وصلك محرّما، قال القائل:

«وبتّ مداما تسرّ النزيف ... فأصبحت تجرع خلّا ثقيفا.

«وصرت حجازا جديب المحلّ، ... وقد كنت للطالب الخصب ريفا.

«أقبلت تتسلّل إلينا لواذا، وتطلب منا عياذا؛ قد أنساك ذلّ العزل عزّ الولايه، «وأولاك طمعا نسياننا تلك الجناية؛ أيّام ترشقنا سهام ألحاظك رشقا، وتقتلنا سيوف «ألفاظك عشقا؛ وتميس غصنا، فتثير حزنا؛ وتطلع شمسا، فتفتّت نفسا.

«فالآن نلقاك بدمع قد جفّ، ووجد قد كفّ؛ وعزاء قد أبّد، وصبر قد أغار «وأنجد؛ وننظر منك إلى روض قد صوّح، وسار قد أصبح؛ وأعجم قد أفصح، «ومبهم قد صرّح. فلا شكّ قد رفع الغطاء، ولا إفك قد برح الخفاء، ولا لوم قد وقع «الجزاء. وهلّا ذكرت المثل الممتهن «الصّيف ضيّعت اللبن!» ونسيت من أحرقت «قلبه صدّا، وأقلقت جنبه ردّا؛ وملأت جوانحه نارا، وتركت نومه غرارا؛ «أن يوفيك قرضا، ويجازيك حتّى ترضى؛ حين نكّس علمك، وعثرت قدمك؛ «وضاقت طرقك، وأظلم أفقك؛ وهوى نجمك، وخاب قدحك؛ وفلّ سيفك، وحطّ «رمحك؛ فاطو ثوب وصلك فلا حاجة لنا إلى لباسه، وازو طارق شخصك فلا رغبة «لنا في إيناسه؛ فما يشتهى اليوم زيارة رمس، من زهد فيه أمس. قال:

«حانت منيته فاسودّ عارضه، ... كما تسوّد بعد الميّت الدار.

«يا من نعته إلى الإخوان لحيته، ... أدبرت، والناس إقبال وإدبار!

«فيا لدهر مضى ما كان أحسنه! ... إذ أنت ممتنع والشّرط دينار.

«ايّام وجهك مصقول عوارضه، ... وللرياض على خدّيك أنوار!