للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال علىّ بن نصر الكاتب تعزية لمن طلعت لحيته:

«لكل حادثة يفجع بها الدهر- أحسن الله معونتك- حدّ من القلق والالتياع، «ومبلغ من التحرّق والارتياع؛ تستوجب فنّا من التعزيه، وتستحق نصيبا من العظة «والتسليه؛ والاختصار فيها لما قرب خطبه وشانه، والإكثار لما جلّ محلّه «ومكانه.

«ومصابك هذا- أعانك الله- فى بياض روضك لما اسودّ، كمصابك في سواده «إذا ابيضّ؛ والألم ببياض روضه جميما، نظير الألم به يوم يعود هشيما.

«فليس أحد يدفع عظيم النازل بك، ولا يستصغر جسيم الطارق لك؛ وإن كان «ما يتعقبه من المشيب أقذى للعيون.

«التفتت عنك النواظر، وكانت منتفتة إليك، ووقفت عنك الخواطر، وكانت «موقوفة عليك؛ وصيّرك قذى الأجفان وكنت جلاها، وجعلك كربة النفوس «وكنت هواها؛ وأبدلك من أنس التقبل، وحشة التنقل؛ وعوّضك من رقة الترفرف، «كلفة التأفّف؛ فتبارك الله الذى صرف عنك الابصار، ونقّل فيك الأطوار! «فعويلا دائما وبكاء! وعزاء عن الذكر الجميل عزاء! فلكل أجل كتاب، وعلى كل «جائحة ثواب.

«ولقد استوفيت أمد الصبا والصبابه، واستنبت الحسرة عليها والكآبه. فرزيّتك «راسية والرزايا سوائر، ومصيبتك ثابتة والمصائب عوائر. «إنا لله وإنا إليه «راجعون» .