للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: «كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة، وتجيز بهم إذا نفروا من منى، حتى إذا كان يوم النّفر أتوا لرمى الجمار، ورجل من صوفة يرمى للناس، لا يرمون حتى يرمى، فكان ذوو الحاجات المتعجّلون يأتونه فيقولون له: قم فارم حتى نرمى [معك «١» ] ؛ فيقول: لا والله، حتى تميل الشمس؛ فيظلّ ذوو الحاجات يرمونه بالحجارة ويقولون له: ويلك! قم فارم، فيأبى عليهم؛ حتى إذا مالت الشمس قام فرمى، ورمى الناس معه» .

«فإذا فرغوا من رمى الجمار، وأرادوا النّفر من منى أخذت صوفة بجانبى العقبة، فحبسوا الناس وقالوا: أجيزى صوفة، فلم يجر أحد من الناس حتى يمرّوا، فإذا نفرت صوفة ومضت خلّى سبيل الناس فانطلقوا بعدهم؛ فكانوا كذلك حتى انقرضوا، فورثهم فى ذلك بنو سعد بن زيد مناة، من تميم، وكانت من بنى سعد فى آل صفوان بن الحارث بن شجنة؛ فكان صفوان هو الذى يجيز الناس بالحج من عرفة، ثم بنوه من بعده، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام كرب بن صفوان؛ وفى ذلك يقول أوس بن مغراء من قصيدة:

لا يبرح الناس ما حجّوا معرّقهم ... حتّى يقال أجيزوا آل صفوانا «٢»

«وكانت الإفاضة فى عدوان يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام أبو سيّارة عميلة بن الأعزل، وكان أبو سيّارة يدفع بالناس على أتان له، وبه ضرب المثل: «أصبر من عير أبى سيّارة «٣» » ؛ لأنه دفع بأهل الموسم عليه أربعين عاما» .