نعود إلى أخبار قصىّ بن كلاب، « [فلما كان ذلك العام، فعلت صوفة كما كانت تفعل، وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين فى أنفسهم من عهد جرهم وخزاعة وولايتهم، فأتاهم قصىّ «١» ] بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة فقال: لا تجر- لنحن أولى بهذا منكم «٢» -، فقاتلوه، فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قصىّ على ما كان بأيديهم من ذلك» .
«وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصىّ، وعرفوا أنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة، فلما انحازوا عنه باداهم «٣» وأجمع لحربهم، وخرجت إليه خزاعة وبنو بكر، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى فى الفريقين، ثم تداعوا إلى الصلح، وأن يحكّموا بينهم رجلا من العرب، فحكموا يعمر بن «٤» عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فقضى أن قصيّا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كلّ دم أصابه قصىّ من خزاعة وبنى بكر موضوع يشدخه تحت قدميه، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدّية مؤدّاة، وأن يخلّى بين قصىّ وبين الكعبة ومكة. «٥» فسمّى يعمر بن عوف يومئذ الشّدّاخ، لما شدخ من الدّماء ووضع منها» .
قال «٦» : «فولى قصىّ البيت وأمر مكّة، وجمع قومه من منازلهم الى مكة، وتملّك على قومه وأهل مكة فملّكوه، إلا أنه أقرّ للعرب ما كانوا عليه، وذلك أنه كان يراه