ولم يعظّموه، فغضب لذلك، ثم دعا وزيره عمار «١» يشا وقال: كيف شأن أهل هذه البلدة؟ فإنهم لم يهابونى، ولم يخافوا عسكرى، فقال: أيها الملك إنهم قوم عرب «٢» جاهلون لا يعرفون شيئا، وإن لهم بيتا يقال له كعبة، وهم معجبون بهذا البيت، وهم قوم يعبدون الطّواغيت، ويسجدون للأصنام. فقال الملك:
وهم معجبون بهذا البيت؟ قال: نعم، فنزل بعسكره ببطحاء مكّة، وفكر فى نفسه دون الوزير، وعزم على هدم الكعبة، وتسميتها خربة، وأن يقتل رجالهم، ويسبى نساءهم، فأخذه الله بالصّداع، وتفجّر من عينيه وأذنيه ومنخريه وفمه ماء منتن، فلم يصبر عنه أحد طرفة عين من نتن الريح، فاستيقظ لذلك وقال لوزيره: اجمع العلماء والحكماء والأطبّاء وشاورهم فى أمرى، فاجتمع عنده الأطبّاء والعلماء والحكماء، فلم يقدروا على المقام عنده، ولم يمكنهم مداواته، فقال: إنى جمعت الأطبّاء والعلماء والحكماء من جميع البلدان، وقد وقعت فى هذه الحادثة ولم يقدروا على مداواتى، فقالوا بأجمعهم: إنا نقدر على مداواة ما يعرض من أمور الأرض، وهذا شىء من السماء لا نستطيع ردّ أمر السماء، ثم اشتدّ أمره، وتفرّق الناس عنه، ولم يزل أمره فى شدّة حتى أقبل الليل، فجاء أحد العلماء إلى الوزير وقال: إن بينى وبينك سرا، وهو إن كان الملك يصدقنى فى حديثه عالجته، فاستبشر الوزير بذلك وأخذ بيده، وحمله إلى الملك، وأخبره بما قال الحكيم، وما التمسه من صدق الملك، حتى يعالج علّته، فاستبشر الملك بذلك، وأذن له فى الدّخول، فلما دخل قال: أريد الخلوة، فأخلى له المكان، فقال: نويت لهذا البيت سوءا؟ قال: نعم؛ إنى نويت خرابه، وقتل