دار، واشترى لكل واحد منهم جارية وأعتقها وزوّجها برجل منهم، وأعطى كلّ واحد منهم عطاء جزيلا، وأمرهم أن يقيموا فى ذلك الموضع إلى أن يجىء زمان النبى صلى الله عليه وسلم، ثم كتب كتابا وختمه بخاتم من ذهب، ودفعه إلى العالم الكبير، وأمره أن يدفع الكتاب إلى محمد صلى الله عليه وسلم إن أدركه، وإلا أوصى به أولاده بمثل ما أوصاه به، وكذلك أولاده حتّى ينتهى أمره إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وكان فى الكتاب: أما بعد فانى آمنت بك وبكتابك الذى أنزل عليك، وأنا على دينك وسنّتك، وآمنت بربك وربّ كلّ شىء، وآمنت بكل ما جاء من ربّك من شرائع الإيمان والإسلام، فإن أدركتك فبها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع لى، ولا تنسنى يوم القيامة، فإنى من أمّتك الأوّلين؛ وتابعيك «١» قبل مجيئك، وأنا على ملّتك وملّة أبيك إبراهيم عليه السلام. ثم ختم الكتاب ونقش عليه:
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)
وكتب على عنوانه إلى محمد بن عبد الله نبىّ الله ورسوله، وخاتم النبيين، ورسول رب العالمين، صلّى الله عليه وسلّم، من تبّع الأوّل حمير بن حمير ابن وردع «٢» أمانة لله فى يد من وقع اليه إلى أن يوصله إلى صاحبه، ودفع الكتاب إلى الرجل العالم الذى أبرأه من علّته. وصار تبّع من يثرب حتى مات بقلسان «٣» من بلاد الهند.
وكان من اليوم الذى مات فيه تبّع الى اليوم الذى بعث فيه النبى صلى الله عليه وسلم ألف سنة لا تزيد ولا تنقص، وكان الأنصار الذين نصروا النبى صلى الله عليه وسلم من أولاد أولئك العلماء والحكماء، فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم الى المدينة، سأله أهل القبائل أن ينزل عليهم على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى؛ فكانوا يتعلّقون بناقته وهو يقول: خلّوا الناقة فإنها مأمورة، حتى جاءت الى دار أبى أيّوب، وكان من أولاد العالم الذى أبرأ تبعا برأيه.