فنخرجه، ثم «١» يخرج إلى ظاهر حرّتنا ونحن معه، فيستسقى، فو الله ما يقوم من مجلسه حتى يمرّ السّحاب «٢» ؛ قد فعل ذلك غير مرّة ولا مرّتين، ولا ثلاثة، فحضرته الوفاة، واجتمعنا إليه، فقال: يا معشر يهود، ما ترونه أخرجنى من أرض الخمر «٣» والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم، قال: إنه إنما أخرجنى [أنى «٤» ] أتوقّع خروج نبىّ قد أظلّ زمانه، هذه البلاد مهاجره، [وكنت أرجو أن يبعث «٥» ] فاتّبعه، [وقد أظلكم زمانه «٦» ] فلا تسبقنّ إليه إذا خرج يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدّماء، وسبى الذّرارىّ والنساء ممن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه. ثم مات؛ فلما كانت الليلة التى فتحت فيها قريظة قال أولئك الثلاثة الفتية، وكانوا شبابا أحداثا: يا معشر يهود: والله إنه للنّبىّ الذى ذكر لكم ابن الهيّبان، فقالوا: ما هو به، قالوا: بلى والله! إنها لصفته «٧» ، ثم نزلوا فأسلموا، وخلّوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم؛ فلما فتح رسول الله الحصن ردّ ذلك عليهم.
ومنه ما روى أن عبد الله بن مسعود كان يحدّث «٨» عن أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنهما، «٩» قال: خرجت إلى اليمن فى تجارة قبل أن يبعث النبى صلى الله عليه وسلم، فنزلت على شيخ من الأزد عالم، قد قرأ الكتب وحوى علما كثيرا، وأتى عليه من