ثم أمر «١» الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاء «٢» به من عند الله وأن ينادى الناس بأمره، وأن يدعوهم إلى الله تعالى، فكان يدعو «٣» ثلاث سنين مستخفيا، إلى أن أمر الله بإظهار الدعاء.
قال محمد بن سعد «٤» : قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقى «٥» : لما أمر الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس نزول الوحى عليه، ويدعوهم إلى الإيمان به، كبر ذلك عليه، فنزل قوله عز وجل:(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)
، قالت عائشة رضى الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبّة، فقال [لهم «٦» ] : «أيها الناس، انصرفوا فقد عصمنى الله» ؛ قيل: يعصمك من قتلهم أن يقتلوك، فبلّغ عند ذلك الرسالة.
وعن الزهرىّ «٧» ، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام سرا وجهرا، فاستجاب لله تعالى من شاء من أحداث الرجال وضعفاء الناس حتى كثر من آمن بالله؛ وكفار قريش غير منكرين لما يقول، فكان إذا مرّ عليهم فى مجالسهم يشيرون إليه: إنّ غلام بنى عبد المطلب ليكلّم من السماء، فكان ذلك حتى عاب الله آلهتهم التى يعبدونها دونه، وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر، فعند ذلك عادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وناكروه؛ وأجمعوا علاقة «٨» .