قالت أم كلثوم بنت أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهما: لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق «١» رأسه ممّا جبذوه بلحيته، وكان رجلا كثير الشعر.
وخرّج الترمذىّ الحكيم فى «نوادر الأصول» ، من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، قال: اجتمعت قريش بعد وفاة أبى طالب بثلاث فأرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل هذا يجأه وهذا يتلتله «٢» ، فاستغاث النبىّ صلى الله عليه وسلم فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان، فأقبل يجأذا ويتلتل ذا، ويقول بأعلى صوته: ويلكم، (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)
، والله إنه لرسول الله، فقطعت إحدى ضفيرتى أبى بكر يومئذ، فقال علىّ «٣» :
والله ليوم أبى بكر خير من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل كتم إيمانه فأثنى الله عليه فى كتابه، وهذا أبو بكر أظهر إيمانه وبذل ماله ودمه لله عز وجل.
قال ابن هشام «٤» :
حدّثنى بعض أهل العلم: أن أشدّ مالقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش: أنه خرج يوما فلم يلقه أحد من الناس إلّا كذّبه وآذاه [لا «٥» ] حرّ ولا عبد، فرجع صلى الله عليه وسلم إلى منزله فتدثّر من شدّة ما أصابه، فأنزل الله عز وجل عليه:(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ) .