للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما أمّه فقتلوها وهى تأبى إلا الإسلام «١» . قال أبو عمر: وهى سميّة، كانت أمة لأبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، فزوّجها من حليفه ياسر بن عامر بن مالك العبسى، فولدت له عمّارا، فأعتقه أبو حذيفة. وسميّة هذه أوّل شهيدة فى الإسلام. وجاءها أبو جهل بحربة فى قبلها فقتلها، فقال عمّار:

يا رسول الله، بلغ منا- أو بلغ منها كلّ مبلغ- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«صبرا يا أبا اليقظان، اللهم لا تعذّب أحدا من آل «٢» ياسر بالنار» .

قال ابن إسحاق: وكان أبو جهل هو الذى يغرى بهم فى رجال قريش إذا سمع برجل قد أسلم، فإن كان له شرف ومنعة أنّبه وخزّاه: فيقول: تركت دين أبيك وهو خير منك، لنسفّهن حلمك ولنفيّلنّ «٣» رأيك، ولنضعنّ شرفك؛ وإن كان تاجرا، قال: والله لنكسدنّ «٤» تجارتك، ولنهلكنّ مالك؛ وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به. وروى عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عبّاس رضى الله عنهم: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من العذاب ما يعذرون به فى ترك دينهم؟ قال: نعم، والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه؛ حتى ما يقدر أن يستوى جالسا من شدة الضرّ الذى به، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة حتى يقولوا له: اللّات والعزّى إلهان من دون الله، فيقول:

نعم، حتى إن الجعل ليمرّ بهم فيقولون له: هذا الجعل إلهك من دون الله؟ فيقول:

نعم، افتداء منهم ممّا يبلغون من جهده. والله المعين.