للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجعل فيه ما ليس منه، ويعتقد النبى صلى الله عليه وسلم أنّ من القرآن ما ليس منه، حتى ينبّهه جبريل عليهما السلام، وذلك كله ممتنع فى حقّه صلى الله عليه وسلم، أو يقول ذلك النبى صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا- وذلك كفر- أو سهوا، وهو معصوم من هذا كله، وقد تقرر بالبرهان والإجماع عصمته عليه السلام من جريان الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدا ولا سهوا، أو أن يتشبه عليه ما يلقيه الملك مما يلقى الشيطان، أو يكون للشيطان عليه سبيل، أو يتقوّل على الله؛ لا عمدا ولا سهوا «١» ، وقد قال تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ)

«٢» الآية، وقال:

(إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ)

«٣» الآية.

ووجه ثان، وهو استحالة هذه القصة نظرا وعرفا، وذلك أن هذا الكلام لو كان كما روى لكان بعيد الالتئام «٤» ، متناقض الأقسام، ممتزج المدح بالذم، متخاذل التأليف والنظم؛ ولما كان النبى صلى الله عليه وسلم، ولا من بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين ممن يخفى عليه ذلك- وهذا لا يخفى على أدنى متأمل- فكيف بمن رجح حلمه، واتّسع فى باب البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه؟! ووجه ثالث، أنه قد علم من عادة المنافقين، ومعاندى المشركين، وضعفة القلوب والجهلة من المسلمين نفورهم لأول وهلة، وتخليط العدو على النبى صلى الله عليه وسلم لأقل فتنة، وتعييرهم المسلمين، وارتداد من فى قلبه مرض ممن أظهر الإسلام لأقل شبهة؛ ولم يحك أحد فى هذه القصة شيئا سوى هذه الرواية الضعيفة الأصل، ولو كان ذلك لوجدت قريش بها على المسلمين الصّولة، ولأقامت بها اليهود عليهم الحجة، كما فعلوا فى قصة الإسراء وقصة القضية «٥» ، ولا فتنة أعظم من هذه البليّة لو وجدت،