للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المناجاة والكلام والقرب والدنوّ وما جاء من الكلام على مشكل هذا الحديث؛ فقد اختلف فى الوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بقوله: (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)

، وهل كان ذلك الوحى بواسطة أو بغير واسطة؟ فأكثر المفسرين على أن الموحى الله إلى جبريل، وجبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. [فذكر عن «١» ] جعفر بن محمد الصادق، قال: أوحى الله إليه بلا واسطة. ونحوه عن الواسطى، وإليه ذهب بعض المتكلمين وحكوه عن ابن مسعود وابن عباس، وأنكره آخرون. وحكى النقاش عن ابن عباس عنه عليه السلام فى قوله تعالى: (دَنا فَتَدَلَّى)

، قال: «فارقنى جبريل، وانقطعت الأصوات عنى فسمعت كلام ربى، وهو يقول: ليهدأ روعك يا محمد، ادن ادن» . وقد تقدم ذكر حديث الأذان، وقول الملك: الله أكبر الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدى، أنا أكبر، أنا أكبر.

وقد احتجوا بقوله تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ)

«٢» ، فقالوا: هى ثلاثة أقسام؛ من وراء حجاب كتكليم موسى، وبإرسال الملائكة كحال جميع الأنبياء، وأكثر أحوال نبينا صلى الله عليه وسلم، الثالث قوله: (وَحْياً)

. قالوا: ولم يبق من تقسيم صور الكلام إلا المشافهة مع المشاهدة، وقد قيل: الوحى هنا ما يلقيه فى قلب النبىّ صلى الله عليه وسلم دون واسطة، وكلام الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن اختصه من أنبيائه جائز غير ممتنع.

وأما قوله تعالى: (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)

فأكثر المفسرين أن الدنوّ والتدلّى منقسم ما بين محمد وجبريل عليهما السلام، أو مختص