الذى أكره «لا يضره» ، قال فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فى أثره، فلما بدا لى القوم ورأيتهم عثر بى فرسى فذهبت يداه فى الأرض وسقطت عنه، ثم انتزع يده من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار، فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع منّى وأنه ظاهر، فناديت القوم: أنا سراقة بن جعشم، أنظرونى أكلّمكم، فو الله لا يأتينكم منى شىء تكرهونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر:«قل له وما تبتغى منا» ؟ فقال لى ذلك أبو بكر، قلت: تكتب لى كتابا يكون بينى وبينك، قال:
«اكتب له يا أبا بكر» ، فكتب لى كتابا فى عظم أو فى رقعة أو فى خرقة ثم ألقاه إلىّ فأخذته فجعلته فى كنانتى، ثم رجعت فلم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرغ من حنين والطائف، فرحت ومعى الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرّانة «١» ، فدخلت فى كتيبة من خيل الأنصار فجعلوا يقرعوننى بالرماح ويقولون: إليك إليك ماذا تريد؟ قال: فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، والله إنى لأنظر إلى ساقه فى غرزه «٢» كأنها جمارة، فرفعت يدى بالكتاب ثم قلت: يا رسول الله، هذا كتابك أنا سراقة بن جعشم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يوم وفاء وبرّ، ادنه» ، قال فدنوت منه فأسلمت. والله الهادى للصواب.
ومروا على خيمتى أم معبد الخزاعية، واسم أمّ معبد عاتكة بنت خالد بن منقذ ابن ربيعة، ويقال: عاتكة بنت خالد بن خليف»