القبة «١» تسقى وتطعم، فسألوها تمرا ولحما يشترونه منها، فلم يصيبوا عندها من ذلك شيئا، وكان القوم مرملين مسنتين «٢» ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة فى كسر الخيمة، فقال:«ما هذه الشاة يا أم معبد» ؟ قالت: شاة خلّفها الجهد عن الغنم، قال:«هل بها من لبن» ؟ قالت: هى أجهد من ذلك، قال:«أتأذنين أن أحلبها» ؟ قالت: نعم، بأبى أنت وأمى إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمّى الله، ودعا لها فى شاتها، فتفاجّت عليه- أى فتحت ما بين رجليها- ودرّت، ودعا بإناء يربض الرّهط- أى يرويهم- فحلب فيه ثجاّ «٣» ثم سقاها حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم، ثم حلب إناء حتى ملأه ثم غادره عندها، وبايعها وارتحلوا عنها، وأصبح صوت بمكة عال يسمعونه، ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله ربّ الناس خير جزائه ... رفيقين قالا «٤» خيمتى أمّ معبد
هما نزلا بالبرّ وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيا لقصىّ ما زوى «٥» الله عنكم ... به من فعال لا تجارى «٦» وسودد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرضد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد