للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركتموهم فى هذه الليلة ليدخلنّ الحرم فليمتنعنّ منكم به، وإن قتلتموهم لتقتلنّهم فى الشهر الحرام. فتردّد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجّعوا أنفسهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم؛ فخرج واقد بن عبد الله يقدم المسلمين، فرمى عمرو بن الحضرمىّ بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل «١» بن عبد الله فأعجزهم. وأقبل عبد الله وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فلما قدموا عليه قال: ما أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام. ووقّف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا؛ فأسقط «٢» في يد القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنّفهم المسلمون فيما صنعوا.

وقالت قريش: قد استحلّ محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدّم، وأخذوا فيه الأموال «٣» ، وأسروا الرجال؛ وأكثر الناس فى ذلك، فأنزل الله تعالى:

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)

أى إن كنتم قتلتم فى الشهر الحرام فقد صدّوكم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم. (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)

؛ أى قد كانوا يفتنون المسلمين فى دينهم حتى يردّوهم إلى الكفر بعد إيمانهم، فذاك أكبر عند الله من القتل.