قال: فلما نزلت الآيات قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العير والأسيرين، وبعثت إليه قريش فى فدائهما، فقال: لا. حتى يقدم صاحبانا، يعنى سعد ابن أبى وقّاص، وعتبة بن غزوان، فإنّا نخشاكم عليهما، فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم. فقدم سعد وعتبة، فأفداهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسن إسلامه، وأقام عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا، وأما عثمان فلحق بمكة، فكان بها حتى مات كافرا.
قال: فلما تجلّى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه طمعوا فى الأجر، فقالوا: يا رسول الله، أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها اجر المجاهدين؟ فأنزل الله تعالى فيهم:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
، قال: وقسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفىء فجعل أربعة أخماسه لمن أفاءه، وخمسه إلى الله ورسوله.
قال ابن هشام: وهى أوّل غنيمة غنمها المسلمون، وعمرو بن الحضرمىّ أول من قتل المسلمون، وعثمان والحكم أول من أسر المسلمون. وفى هذه السريّة سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين.
وقال عبد الله بن جحش فى هذه الواقعة، ويقال إنها لأبى بكر الصدّيق رضى الله عنه؛ والذى صحّحه ابن هشام أنها لعبد الله بن جحش، أبياتا يخاطب بها قريشا:
تعدّون قتلا فى الحرام عظيمة ... وأعظم منه لو يرى الرّشد راشد