قال: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجّاها الله فارجعوا؛ فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد بدرا؛ وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم فيه سوق فى كل عام، فنقيم عليه ثلاثا، فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف علينا القيان «١» ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعينا، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها، فامضوا.
فمضت قريش حتى نزلوا العدوة «٢» القصوى من الوادى، والقلب «٣» ببدر فى العدوة «٤» الدنيا، قال: وبعث الله السماء، وكان الوادى دهسا «٥» ، فأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه منها ما لبّد لهم الأرض، ولم يمنعهم من المسير.
وقال ابن سعد: كان المسلمون يومئذ يميدون من النعاس ونزلوا على كثيب «٦» أهيل، فمطرت السماء فصار مثل الصّفا «٧» يسعون عليه سعيا. وأنزل الله تعالى: