للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ماء بدر نزل به، فأتاه الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا رسول الله، هذا المنزل منزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدّمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأى والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بل الرأى والحرب والمكيدة» . قال يا رسول الله: فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم فنزله، ثم نعوّر «١» ما وراءه من القلب، ثم نبتنى عليه حوضا فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أشرت بالرأى» ، فنهض بالناس وسار حتى [إذا «٢» ] أتى أدنى ماء من القوم، نزل عليه؛ ثم أمر بالقلب فعوّرت، وبنى حوضا على القليب الذى نزل عليه، فملئ ماء، ثم قذفوا فيه الآنية.

فقال سعد بن معاذ: يا نبىّ الله، نبتنى لك عريشا «٣» تكون فيه، وتكون عندك ركائبك، ثم نلقى عدوّنا، فإن أعزّنا الله وأظهرنا على عدوّنا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلّف عنك أقوام ما نحن بأشدّ لك حبّا منهم، ولو ظنّوا أن تلقى حربا ما تخلّفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك؛ فأثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليه خيرا، ثم بنى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عريش، فمكان فيه.

قال: وارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت، فلمّا رآها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها «٤» وفخرها، تحادّك «٥» وتكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذى وعدتنى، اللهم أحنهم «٦» الغداة.»