قال ابن سعد: كانت قريش تسعمائة وخمسين، وخيلهم مائة فرس، وكان لهم ثلاثة ألوية؛ لواء مع أبى عزيز بن عمير، ولواء مع النّضر بن الحارث، ولواء مع طلحة بن أبى طلحة.
قال ابن إسحاق عن أبيه إسحاق بن يسار وغيره، عن أشياخ من الأنصار، قال:
لما اطمأنّ القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحىّ فقالوا: احزر «١» لنا أصحاب محمد، فجال بفرسه حول العسكر، ثم رجع إليهم، فقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصونه، ولكن أمهلونى حتى أنظر، أللقوم كمين أو مدد؟ قال: فضرب فى الوادى حتى أبعد، فلم ير شيئا، فرجع إليهم، فقال: ما رأيت شيئا، ولكنى رأيت يا معشر قريش البلايا «٢» تحمل المنايا، نواضح «٣» يثرب تحمل الموت الناقع «٤» ، قوم ليس معهم [منعة «٥» ] ولا ملجأ إلا سيوفهم، أما ترونهم خرصا لا يتكلّمون، يتلمّظون تلمّظ الأفاعى؛ والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجل منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم، فما خير العيش بعد ذلك؟ فروا رأيكم.
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى فى الناس؛ فأتى عتبة بن ربيعة فقال:
يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيّدها، والمطاع فيها، هل لك ألّا تزال تذكر منها بخير إلى آخر الدهر؟ قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمىّ. قال: قد فعلت، علىّ عقله «٦» ؛ فأت ابن الحنظليّة، يعنى أبا جهل بن هشام، قال: فأتيته فقلت: يا أبا الحكم، قد أرسلنى إليك عتبة