للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلمون من أين أخذ هذا؟ فقلنا: لا. قال ذو الرياستين: إن بهرام جوركان له ابن، وكان قد رشّحه للأمر من بعده، فنشأ الفتى ناقص الهمة، ساقط المروءة، خامل النفس، سيئ الأدب. فغمه ذلك ووكّل به من يلازمه من المؤدّبين والحكماء ليعلموه.

فكان يسألهم عنه فيحكون عنه ما يغمّه من سوء فهمه وقلة أدبه. إلى أن سأل بعض مؤدّبيه يوما، فقال له المؤدّب: قد كنا نخاف سوء أدبه، فحدث من أمره ما صيّرنا إلى اليأس من فلاحه، قال: وما ذاك الذى حدث؟ قال: إنه رأى ابنة فلان المرزبان فعشقها حتى غلب عليه هواها، فهو لا يهذى إلا بها، ولا يتشاغل إلا بذكرها. فقال بهرام: الآن رجوت فلاحه! ثم دعا بأبى الجارية، فقال: إنى مسرّ إليك سرّا فلا يعدونّك. فضمن له ستره. فأعلمه أن ابنه قد عشق ابنته، وأنه يريد أن ينكحها إياه، وأمره أن يأمرها بإطماعه في نفسها ومراسلته من غير أن يراها، فإذا استحكم طمعه فيها تجنّت عليه وهجرته، فإن استعتبها أعلمته أنها لا تصلح إلا لملك ومن همته همة الملوك، وأنه يمنعها من مواصلته أنه لا يصلح للملك. ثم ليعلمه خبرهما، فقبل أبوها ذلك منه. ثم قال للمؤدّب الموكل به خوّفه منى وشجعه على مراسلة المرأة! ففعل ذلك وفعلت الصبيّة ما أمرها به أبوها. فلما انتهت إلى التجنى عليه، وعلم الفتى السبب الذى كرهته له، أخذ في الأدب وطلب الحكمة والعلم والفروسية والرّماية وضرب الصوالجة حتّى مهر في ذلك. ثم رفع إلى أبيه أنه محتاج من الدوابّ والآلات والمطاعم والملابس والندماء إلى فوق ما عنده. فسرّ الملك بذلك، وأمر له بما طلب. ثم دعا مؤدّبه، فقال: إن الموضع الذى وضع به ابنى نفسه من حبّ هذه المرأة لا يزرى به. فتقدّم إليه أن يرفع ذلك إلىّ ويسألنى أن أزوّجه إياها. ففعل.

ورفع الفتى ذلك إلى أبيه، فاستدعى أباها، وزوّجه بها، وأمر بتعجيلها إليه، وقال له: