قال الزّبير: فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله. وكان فى المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلا ذفّف «١» عليه، فدعوت الله أن يجمع بينهما، فالتقيا، فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة، فاتّقاه بدرقته «٢» ، وضربه أبو دجانة فقتله، ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة، ثم عدله عنها، قال الزّبير، فقلت: الله ورسوله أعلم.
قال أبو دجانة: رأيت إنسانا يحمش «٣» الناس حمشا، فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أضرب به امرأة.
قالوا: وكان أوّل من أنشب الحرب يوم أحد أبو عامر عبد عمرو «٤» بن صيفىّ ابن مالك بن النعمان، أحد بنى ضبيعة بن زيد، وكان قد خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعه خمسون غلاما من الأوس، وكان بعد قريشا أن لو قد لقى قومه لم يختلف عليه منهم رجلان، فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر فى الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر. قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق- وكان فى الجاهلية يسمّى الراهب، فسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفاسق، كما قدمنا من خبره- قال: فلما سمع ردّهم عليه، قال: لقد أصاب قومى بعدى شرّ. ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضخهم «٥» بالحجارة فراضخوه، حتى ولّى هو وأصحابه هاربين.