فكرّ بالخيل، وتبعه عكرمة بن أبى جهل، فحملوا «١» على المسلمين، واستدارت رحاهم، وحالت الريح فصارت دبورا، وكانت قبل ذلك صبا، ونادى إبليس- لعنه الله-: إن محمدا قد قتل. واختلط المسلمون فصاروا يقتتلون «٢» على غير شعار، ويضرب بعضهم بعضا، ما يشعرون به من العجلة والدهش، وقتل مصعب ابن عمير، فأخذ اللواء ملك فى صورة مصعب، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل، ونادى المشركون بشعارهم: يا للعزّى يا لهبل «٣» . فقتل من أكرمه الله بالشهادة من المسلمين، حتى خلص العدوّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وثبت صلّى الله عليه وسلّم معه «٤» عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلا، سبعة من المهاجرين، فيهم أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، وسبعة «٥» من الأنصار. ورمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قوسه حتى اندقّت سيتها «٦» ، فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده، ثم ذبّ بالحجارة. وكسرت يومئذ رباعيته «٧» صلّى الله عليه وسلّم، وكلمت شفته، وشجّ فى وجهه، وجرح فى وجنته، وكسرت البيضة على رأسه، فسال الدم على وجهه، فجعل يمسحه ويقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيّهم، وهو يدعوهم إلى ربّهم؟
فأنزل الله تعالى فى ذلك:(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «٨» ) .