وروى أبو محمد عبد الملك بن هشام بسنده إلى أبى سعيد الخدرى: أن عتبة بن أبى وقّاص رمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ، فكسر رباعيته اليمنى السّفلى، وجرح شفته السفلى، وأن عبد الله بن شهاب الزّهرىّ شجّه فى جبهته، وأن ابن قمئة جرح وجنته، فدخل حلقتان من حلق المغفر فى وجنته، ووقع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى حفرة من الحفر التى عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون، فأخذ على بن أبى طالب بيده، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما، ومصّ مالك بن سنان أبو أبى سعيد الخدرىّ، الدّم من وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [ثم «١» ] ازدرده، فقال صلّى الله عليه وسلّم: من مسّ دمه دمى لم تمسّه النار.
قال ابن إسحاق بسند يرفعه إلى محمود بن عمرو: لما غشى القوم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من رجل يشترى لنا نفسه؟ فقام زياد بن السّكن [فى خمسة من الأنصار، وبعضهم يقول: إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن «٢» ] .
فقاتلوا دون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا رجلا يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زياد أو عمارة، فقاتل حتى أثبتته الجراحة. ثم فاءت فئة المسلمين فأجهضوهم عنه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أدنوه منى. فأدنوه منه، فوسّده قدمه، فمات، وخدّه على قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال: وقاتلت أمّ عمارة نسيبة بنت كعب المازنيّة يومئذ، فحدّثت وقد سئلت عن خبرها، فقالت: خرجت أوّل النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعى سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والدولة والرّيح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: أباشر القتال وأذبّ عنه بالسيف، حتى خلصت الجراحة إلىّ. وكان على عاتقها جرح أجوف له غور،