وإن وعدت زاد الهوى لانتظارها، ... وإن بخلت بالوعد متّ على الوعد!
ففى كلّ حبّ لا محالة فرحة، ... وحبّك ما فيه سوى محكم الجهد!
وحكى الزبير بن بكّار قال: حدّثنى موهوب بن راشد قال: وقفت امرأة من بنى عقيل على أخت لها، فقالت لها: يا فلانة، كيف أصبحت من حبّ فلان؟
قالت: قلقل والله حبّه الساكن، وسكّن المتحرّك! ثم أنشدتها:
ولو أنّ ما بى بالحصى فلق الحصى، ... وبالرّيح لم يسمع لهنّ هبوب!
ولو أنّنى أستغفر الله كلّما ... ذكرتك لم يكتب على ذنوب!
قالت: لا جرم والله، لا أقف حتّى أسأله كيف أصبح من حبّك! فجاءته فسألته فقال: إنما الهوى هوان، وإنما خولف باسمه، وإنما يعرف ما أقول من كان مثلى قد أبكته المعارف والطلول.
وقال مسلم بن عبد الله بن جندب الهذلىّ: خرجت أنا وريان السوّاق إلى العقيق فلقينا نسوة نازلات من العقيق ذوات جمال وفيهن جارية حسناء العينين، فأنشد ريان قول أبىّ:
ألا يا عباد الله، هذا أخوكم ... قتيل! فهلّا فيكم اليوم ثائر؟
وأقبل علىّ، وأشار إليها فقال: يا ابن الكرام دم أبيك في أثوابها فلا تطلب أثرا بعد عين! قال: فأقبلت علىّ امرأة جميلة، أجمل من تيك، فقالت: أنت ابن جندب؟ فقلت: نعم. قالت: إن أسيرنا لا يفكّ، وقتيلنا لا يودى، فاحتسب أباك، واغتنم نفسك! ومضين.