وقال عبد المحسن بن غالب الصورىّ:
وكان ابتداء الذى بى مجونا، ... فلمّا تمكّن أمسى جنونا.
وكنت أظنّ الهوى هيّنا ... فلاقيت منه عذابا مهينا.
وقال أبو بكر بن محمد بن عمر العنبرىّ:
يا صاح، إنّى مذ عرفت الهوى ... غرقت في بحر بلا ساحل!
عينى لحينى نظرت نظرة ... رحت بها في شغل شاغل.
علّقته في البيت من فارس؛ ... لكنّه في السّحر من بابل.
يظلمنى، والعدل من شأنه! ... ما أوجع الظّلم من العادل!
وقال آخر:
من سرّه أن يرى المنايا ... بعينه منظرا صراحا.
فليحس كأسا من التجنّى ... وليعشق الأوجه الملاحا!
يا أعينا أرسلت مراضا ... فاختلست أعينا صحاحا!
وقال آخر:
ما أقتل الحبّ! والإنسان يجهله ... وكلّ ما لم يذقه فهو مجهول.
راح الرّماة إلى بعض المها، فإذا ... بعض الرّماة ببعض الصّيد مقتول!
وأما الآفات التى تجرى على العاشق من المرض والضّنا والجنون والمخاطرات بالنفوس وإلقائها إلى الهلاك، فهى كثيرة جدّا، مشاهدة ومسموعة.
فمن ذلك ما حكاه أبو الفرج بن الجوزىّ بسند يرفعه، قال: لما بعثت قريش عمارة بن الوليد مع عمرو بن العاص إلى النجاشىّ يكلمانه فيمن قدم عليه من المهاجرين، فراسل عمارة جارية لعمرو بن العاص كانت معه فصغت إليه. فاطلع عمرو على ذلك