فوجد على عمارة. وكان عمارة أخبر عمرا أن زوجة النجاشىّ علقته وأدخلته إليها فوشى عمرو بعمارة عند النجاشىّ وأخبره بالخبر، فقال له النجاشىّ: ائتنى بعلامة أستدلّ بها على ما قلت! ثم عاد عمارة فأخبر عمرا بأمره وأمر زوجة النجاشىّ، فقال له عمرو:
لا أقبل هذا منك إلا أن تعطيك من دهن الملك الذى لا يدّهن به غيره. فكلمها عمارة فى ذلك، فقالت: أخاف من الملك فأبى أن يرضى منها حتّى تعطيه من ذلك الدّهن فأعطته منه فأعطاه عمرا فجاء به عمرو إلى النجاشىّ فنفخ سحرا في إحليل عمارة. فذهب مع الوحش (فيما تقول قريش) فلم يزل متوحّشا يرد ماء في جزيرة بأرض الحبش حتى خرج إليه عبد الله بن أبى ربيعة في جماعة من أصحابه فرصده على الماء فأخذه فجعل يصيح به: يا بجير أرسلنى! فإنى أموت إن أمسكتنى! فأمسكه فمات في يده.
وحكى عن محمد بن زياد الأعرابىّ قال: رأيت بالبادية أعرابيا في عنقه تمائم وهو عريان وعلى سوأته خرقة وفي رجله حبل ومن خلفه عجوز آخذة بطرف الحبل وهو يعضّ ذراعيه، فقلت للعجوز: من هذا؟ فقالت: ابن ابنتى! فقلت لها:
أبه مسّ من الجنّ؟ فقالت: لا والله ولكنه نشأ وابنة عمّ له في مكان واحد، فعلّقها وعلّقته. فحبسها أهلها ومنعوها منه فزال عقله وصار إلى ما ترى! فقلت لها: ما اسمه قالت: عكرمة. فقلت: أيا عكرمة ما أصابك؟ قال: أصابنى داء قيس وعروة وجميل: فالجسم منى نخيل، والفؤاد عليل. قال: فتركته ومضيت.
وحكى عن عباس بن عبيد، قال: كان بالمدينة جارية ظريفة حاذقة بالغناء فهويت فتى من قريش، فكانت لا تفارقه ولا يفارقها. فملّها الفتى وفارقها، وتزايدت محبتها له حتى ولهت. وتفاقم الأمر بها حتّى هامت على وجهها ومزّقت ثيابها، فرآها مولاها فى ليلة من الليالى، وهى تدور في السّكك ومعه أصحاب له، فجعلت تبكى وتقول: