للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلّم من قضيته سار مع الهدى، وسار الناس، فلما كان الهدى دون الجبال التى تطلع على وادى الثنّية عرض له المشركون، فردّوا وجوهه، فوقف النبى صلّى الله عليه وسلّم حيث حبسوه، وهى الحديبية، وقال لأصحابه: «قوموا فانحروا، ثم احلقوا» . قال: فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرّات؛ فلما لم يقم منهم أحد قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقى من الناس؛ فقالت له أم سلمة رضى الله عنها: يا نبىّ الله، اخرج ولا تكلّم منهم أحدا كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حلّافك فيحلقك. فقام صلّى الله عليه وسلّم فخرج فلم يكلّم أحدا منهم كلمة حتى نحر بدنته ودعا حلّاقه فحلقه، وكان الذى حلقه ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعىّ، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا «١» غمّا. قال عبد الله ابن عمر وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم: حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يرحم الله المحلّقين» . قالوا:

يا رسول الله، والمقصّرين؟ قال: «يرحم الله المحلقين» ؛ قالوا: يا رسول الله، والمقصّرين؟ قال: «يرحم الله المحلقين» ؛ قالوا: يا رسول الله، والمقصّرين؟

[قال «٢» : «يرحم الله المقصّرين» ] قالوا: يا رسول الله، فلم ظاهرت الترحّم على المحلّقين دون المقصّرين؟ قال: «لأنهم لم يشكّوا» . قال ابن عمر: وذلك أنه تربّص قوم قالوا: لعلّنا نطوف بالبيت.