قال: ولما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المدينة سلك على عصر «١» فبنى له فيه «٢» مسجدا، ثم على الصهباء «٣» ، ثم أقبل بجيشه حتى نزل بواد يقال له: الرّجيع، فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدّوا أهل خيبر، وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فلما سمعت غطفان بمنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خيبر جمعوا، ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه، حتى إذا ساروا منقلة «٤» سمعوا خلفهم فى أموالهم وأهليهم حسّا، وظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم، فرجعوا على أعقابهم فأقاموا فى أهليهم وأموالهم، وخلوا بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين خيبر.
قال: ولما أشرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على خيبر قال لأصحابه: «قفوا» فوقفوا، ثم قال:«اللهم ربّ السموات وما أظللن، وربّ الأرضين وما أقللن، وربّ الشياطين وما أظللن، وربّ الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها، أقدموا بسم الله» .
قال: ولما نزل بساحتهم ولم يتحركوا تلك الليلة، ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس، وأصبحوا وأفئدتهم تخفق، وفتحوا حصونهم، وغدوا إلى أعمالهم، معهم المساحى «٥» ، والكرازن- وهى الفئوس- والمكاتل- وهى الزنابيل- فلما نظروا إلى