من المسلمين من آل جحش، فقتل الجحشىّ، وقام مكانه يدعو إلى البراز، فبرز له أبو دجانة، قد عصب رأسه بعصابة حمراء فوق المغفر، يختال فى مشيته، فبدره أبو دجانة فضربه فقطع رجليه، ثم ذفّف عليه وأخذ سلبه؛ درعه وسيفه: فنفله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك، وأحجموا عن البراز، فكبّر المسلمون، ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه، يقدمهم أبو دجانة الأنصارىّ، فوجدوا فيه أثاثا ومتاعا وغنما وطعاما، وهرب من كان فيه من المقاتلة، وتقحموا الجدر كأنهم الظّبىّ إلى حصن النّزار، فعلّقوه وامتنعوا فيه، وزحف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى أصحابه فقاتلهم، فكانوا أشدّ أهل الشّق رميا بالنبل والحجارة، حتى أصاب النبل ثياب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلقت به، فأخذ النبل فجمعها، ثم أخذ كفّا من حصباء، فحصب به حصنهم فرجف الحصن بهم، ثم ساخ فى الأرض حتى جاء المسلمون، فأخذوا أهله أخذا، ثم تحوّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أهل الكتيبة، فافتتح القموص، حصن أبى الحقيق، وأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه بصفيّة بنت حيىّ بن أخطب.
قالوا: ولما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حصونهم ما افتتح، وحاز من الأموال ما حاز، انتهوا إلى حصنيهم: الوطيح والسّلالم، وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا، فحاصرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بضع عشرة ليلة حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يسيّرهم، وأن يحقن دماءهم. قال البيهقىّ: حصرهم أربعة عشر يوما وهم لا يطلعون من حصونهم، حتى همّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن ينصب المنجنيق «١» عليهم، فلما أيقنوا