بالهلكة سألوا الصلح، وأرسل ابن أبى الحقيق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
أنزل فأكملك؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«نعم» ، فنزل كنانة بن الربيع ابن أبى الحقيق فصالح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حقن دماء من فى حصونهم من المقاتلة، وترك الذريّة لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلّون بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء والكراع والحلقة «١» ، وعلى البزّ إلا ثوبا على ظهر إنسان؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«وبرئت منكم ذمّة الله وذمّة رسوله إن كتمتونى شيئا» فصالحوه على ذلك. وكان عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق كنز بنى النضير، فسأله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنه، فجحد أن يكون يعلم مكانه، وقال: نفد فى النفقة والحروب؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«كان أكثر من ذلك» ، ثم جاء رجل من يهود إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، إنى رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكنانة:«أرأيت إن وجدناه عندك، أقتلك؟» قال: نعم؛ فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالخربة فحفرت، فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عما بقى، فأبى أن يؤدّيه، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الزّبير بن العوام به، فقال:«عذّبه حتى تستأصل ما عنده» ، فكان الزبير يقدح بزند فى صدره حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة. ويقال:
كان ذلك بعد فتح حصن القموص، وقبل فتح الوطيح والسّلالم.