فأتت معه. فقال له: إن صاحبتك بعثت إليك رسالة، قال: كيف؟ قلت:
هذه أمك تؤدّى رسالتها. فجعلت أمه تحدّثه عنها بشىء من الكذب. ثم زاد الأمر عليه ونزل به الموت، فقال لصديقه: قد جاء الأجل وحان الوقت وما لقيت صاحبتى في الدّنيا، وأنا أريد أن ألقاها في الآخرة. فقال له: كيف تصنع؟
قال: أرجع عن دين محمد، وأقول عيسى ومريم والصليب الأعظم. فقال ذلك ومات.
فمضى صديقه إلى تلك المرأة فوجدها عليلة فجعل يحدّثها، وأخبرها بموت صاحبها، فقالت: أنا ما لقيته في الدّنيا وأنا أريد أن ألقاه في الآخرة. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنا بريئة من دين النصرانية.
فقام أبوها فقال للرجل: خذوها الآن فإنها منكم، فقام الرجل ليخرج، فقال له:
قف ساعة؛ فوقف، فما لبث أن ماتت.
قال: وبلغنى عن رجل ببغداد (يقال له صالح المؤذن، أذّن أربعين سنة، وكان يعرف بالصلاح) أنه صعد يوما إلى المنارة ليؤذن فرأى بنت رجل نصرانىّ كان بيته إلى جانب المسجد. فافتتن بها، فجاء فطرق الباب فقالت له: من أنت؟ قال: أنا صالح المؤذن. ففتحت له الباب فدخل وضمها إليه، فقالت: أنتم أصحاب الأمانات، فما هذه الخيانة؟ فقال: إن وافقتينى على ما أريد وإلا قتلتك، فقالت: لا، إلا أن تترك دينك، فقال كلمة الكفر وبرئ من الإسلام. ثم تقدّم إليها فقالت: إنما قلت هذا لتقضى غرضك ثم تعود إلى دينك. فكل من لحم الخنزير، فأكل منه، قالت: فاشرب الخمر، فشرب. فلما دبّ الشراب فيه دنا منها فدخلت بيتا وأغلقت بينها وبينه