الباب، وقالت له: اصعد إلى السطح حتى إذا جاء أبى زوّجنى منك. فصعد فسقط فمات. فخرجت إليه ولفته في مسح. وجاء أبوها فقصت عليه القصة فأخرجه فى الليل ورماه في السكة. وظهر حديثه، فرمى على مزبلة.
وأما من قتل بسبب العشق فلا يكاد ذلك يحصر كثرة، وأعظمه وأشدّه واقعة عبد الرحمن بن ملجم المرادىّ، لعنه الله.
قال النبىّ صلى الله عليه وسلم لابن عمه علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه:«يا علىّ أشقى الأوّلين عاقر ناقة صالح، وأشقى الأوّلين والآخرين قاتلك، وهو هذا» وأشار إلى ابن ملجم قبحه الله تعالى ولعنه
، وأوجب له خزيه ومقته وعذابه، وذلك نكالا لما اجترأ عليه في قتله أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه. وذلك أن ابن ملجم قبحه الله رأى امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام، كانت من أجمل النساء وكانت ترى رأى الخوارج، وقد قتل علىّ رضى الله عنه قومها يوم النّهروان.
فلما رآها ابن ملجم عشقها فخطبها فقالت: لا أتزوّجك إلا على ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة، وأن تقتل علىّ بن أبى طالب. فحمله العشق على أن خسر الدّنيا والآخرة، وتزوّجها على ذلك. وكان من خبره في قتل علىّ رضى الله عنه ما نذكره إن شاء الله تعالى في التاريخ.
وفي ذلك يقول الشاعر:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة ... كهر قطام بيّنا غير معجم.
ثلاثة آلاف، وعبد، وقينة، ... وضرب «علىّ» بالحسام المصمّم.
فلا مهر أغلى من «علىّ» وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم!