قالت: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن علىّ، منّ الله عليك. فقال:«قد فعلت فلا تعجلى بخروج حتى تجدى من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنينى» فسألت عن الرجل الذى أشار إلىّ أن كلّميه، فقيل علىّ بن أبى طالب، قالت: فأقمت حتى قدم ركب من بلىّ أو قضاعة «١» ، قالت: وإنما أريد أن آتى أخى بالشام، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومى، لى فيهم ثقة وبلاغ، قالت: فكسانى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحملنى وأعطانى نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام، قال عدىّ: فو الله إنّى لقاعد فى أهلى إذ نظرت إلى ظعينة تصوب «٢» إلىّ تؤمّنا، قال: قلت ابنة حاتم، فإذا هى هى، فلما وقفت علىّ انسلخت «٣» تقول: القاطع الظّالم، احتملت بأهلك وولدك، وتركت بقيّة والديك عورتك! قال: قلت: أى أخيّة! لا تقولى إلّا خيرا، فو الله ما لى من عذر، لقد صنعت ما ذكرت. قالت: ثم نزلت فأقامت عندى، فقلت لها وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين فى أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن نلحق به سريعا، فإن يكن الرّجل نبيا فللسّابق إليه فضله، وإن يكن ملكا فلن تذل فى عز اليمن، وأنت أنت. قال: قلت والله إن هذا الرّأى. فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة، فدخلت عليه وهو فى مسجده، فسلمت عليه فقال:«من الرّجل» ؟ فقلت: عدى بن حاتم. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بى إلى بيته، فو الله إنه لعامد بى إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كسيرة