للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه فى حاجتها، فقلت فى نفسى: والله ما هذا بملك.

قال: ثم مضى حتى إذا دخل بى بيته تناول وسادة من أدم محشوّة ليفا فقذفها إلىّ فقال: «اجلس على هذه» قلت: بل أنت فاجلس عليها، قال: «بل أنت» فجلست عليها، وجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالأرض، فقلت فى نفسى: والله ما هذا بأمر ملك. ثم قال: «إيه يا عدىّ بن حاتم ألم تك ركوسيا «١» ؟» قلت: بلى، قال: «أولم تك تسير فى قومك بالمرباع «٢» » ؟ قلت: بلى؛ قال: «فإنّ ذلك لم يك يحلّ لك فى دينك» . قال: قلت أجل والله، وعرفت أنه نبىّ مرسل يعلم ما يجهل، ثم قال: «لعلّك يا عدىّ إنما يمنعك من دخول فى هذا الدّين ما ترى من حاجتهم، فو الله ليوشكنّ المال يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوّهم، وقلّة عددهم، فو الله ليوشكن أن يسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان فى غيرهم، وايم الله ليوشكنّ أن يسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم» .

قال عدىّ: فأسلمت. فكان عدىّ يقول: قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة، والله لتكوننّ؛ قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت، وايم الله لتكوننّ الثالثة؛ ليفيضنّ المال حتى لا يوجد من يأخذه.