فأمر برقيقه ودوابه للمرأة، فقالت المرأة: هديته عندى، فقال: بارك الله لك فيها، وكثّر في النساء مثلك، هى لك، وما ترك من شىء فهو لك، وقال: مثل هذا لا يدفن.
فألقوه للكلاب، ودعا بالخصىّ فقال: أما أنت فقد قلت لك إنى لا أضرب عنقك! وأمر بضرب وسطه، فقطع نصفين.
والأخبار في مثل هذا كثيرة، فلا تطوّل بذكرها.
وأما من قتله العشق فكثير جدّا لا يكاد يحصر، روى عن عكرمة قال:
إنى لمع ابن عباس عشية عرفة، إذ أقبل فتية يحملون فتى من بنى عذرة في كساء، وهو ناحل البدن، أحلى من رأيت من الفتيان، فوضعوه بين يديه ثم قالوا: استشف لهذا يا ابن عمّ رسول الله، فقال: وما به؟ فترنم الفتى بصوت ضعيف خفىّ الأنين، وهو يقول:
بنا من جوى الأحزان والحبّ لوعة ... تكاد لها نفس الشّفيق تذوب!
ولكنّما أبقى حشاشة معول ... على مابه عود هناك صليب!
وما عجب موت المحبّين في الهوى؛ ... ولكن بقاء العاشقين عجيب!
قال: ثم حمل فمات في أيديهم، فقال ابن عباس: هذا قتيل الحبّ، لا عقل ولا قود.
قال عكرمة: فما رأيت ابن عباس سأل الله تعالى تلك الليلة- حتّى أمسى- إلا العافية مما ابتلى به ذلك الفتى.
وروى عن الأصمعىّ قال: حدّثنى أبو عمرو بن العلاء قال: حدّثنى رجل من بنى تميم قال: خرجت في طلب ضالّة لى. فبينا أنا أدور في أرض بنى عذرة أنشد ضالّتى،