للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى خلقه لا يزول، وقد زال عيسى. ثم قال تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ

أى بالصدق فيما اختلفوا فيه وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ. مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ

أى الفصل بين الحقّ والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره، ثم قال:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ

أى إنّ الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته. إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ

أى قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم فى عيسى؛ إذ جعلوه إلها وعندهم من علمه غير ذلك. هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ

أى قد كان عيسى ممن صوّر فى الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه، كما صوّر غيره من ولد آدم، فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل.

ثم قال تعالى تنزيها لنفسه وتوحيدا لها: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

أى «العزيز» فى انتصاره ممّن كفر به إذا شاء «الحكيم» فى حجته وعذره إلى عباده.

ثم قال: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ

أى فيهنّ حجة الربّ وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لهنّ تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه. وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ

أى لهنّ تصريف وتأويل، ابتلى الله فيهنّ العباد، كما ابتلاهم فى الحلال والحرام، ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرّفن عن الحق.

قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ

أى ميل عن الهدى. فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ

أى ما تصرّف منه؛ ليصدّقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا لتكون لهم حجّة وشبهة على ما قالوا «١» . ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ

أى اللّبس وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ

أى تأويل ذلك على