وكنت أعتر لفرّاض من صيده، وأقرى الضّيف، فلم أزل به من أوسع العرب رحلا «١» ، وأكثرها ضيفا، إلى أن ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنزل بى ضيف كان زار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسمع منه القرآن، فحدّثنى عنه، ورأيت حياضا كأنه ينصت لحديثه، ثم إنّى غدوت أقتنص بحياض، فجعل يجاذبنى ويأبى أن يتبعنى فأجذبه وأمسحه، إلى أن عنّ لى تولب- يعنى جحشا من حمير الوحش- قال: فأرسلته عليه فقصده، حتى إذا قلت قد أخذه حاد عنه، فساءنى ذلك، ثم أرسلته على رأل- يعنى فرخ نعامة- فصنع مثل ذلك، ثم أرسلته على بقرة، ثم على خشف «٢» ، كل ذلك لا يأتى بخير، فقلت:
ألا ما لحياض يحيد كأنما ... رأى الصّيد ممنوعا بزرق اللهاذم «٣»
قال: فأجابنى هاتف لا أراه:
يحيد لأمر لو بدا لك عينه ... لكنت صفوحا عاذلا غير لائم
قال: فأخذت الكلب وانكفأت راجعا، فإذا شخص إنسان عظيم الخلق، قد ركب حمارا وحشيا، فتربع على ظهره، وهو يساير شخصا مثله راكبا على قرهب، وخلفهما عبد أسود يقود كلبا عظيما بساجور «٤» ، فأشار أحد الراكبين إلى حياض وأنشد:
ويلك يا حياض لم تصيد ... اخنس وحد عمّا حوته البيد «٥»