حمّالة الحطب، وأخذ الله تعالى على بصرها حين أرادته بالفهر «١» ، وخبر أبى جهل حين أراده بالحجر، وغير ذلك.
وها نحن نورد فى هذا الموضع من ذلك خلاف ما قدّمناه؛ فمن ذلك ما روى عن الحكم بن العاص أنه قال: تواعدنا على النبى صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا رأيناه سمعنا صوتا خلفنا ما ظننا أنه بقى بتهامة أحد، فوقعنا مغشيا علينا، فما أفقنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا ليلة أخرى، فخرجنا حتى إذا رأيناه جاءت الصفا والمروة فحالت بيننا وبينه. وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: تواعدنا أنا وأبو جهم بن حذيفة ليلة قتل «٢» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فجئنا منزله فسمعنا له، فافتتح وقال: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ
إلى: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ
«٣» فضرب أبو جهم على عضد عمر وقال: انج، وفرّا هاربين، فكانت من مقدّمات إسلام عمر. ومن ذلك خروجه صلّى الله عليه وسلّم على قريش حين اجتمعوا لقتله، فأخذ الله على أبصارهم حتى ذرا «٤» التراب على رءوسهم وخلص منهم.
وقصة الغار، وأخذ الله على أبصارهم، وخبر سراقة بن مالك بن جعشم، وقد تقدّم ذكر ذلك. وفى خبر آخر أنّ راعيا عرف خبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبى بكر حين هاجرا، فخرج يشتدّ «٥» ليعلم قريشا بشأنهما، فلما دخل مكة ضرب على قلبه فما يدرى ما يصنع، وأنسى ما خرج له حتى رجع إلى موضعه. وذكر السّمرقندىّ:
أن رجلا من بنى المغيرة أتى النبى صلّى الله عليه وسلّم ليقتله، فطمس الله بصره فلم