ير النبى صلّى الله عليه وسلّم وسمع قوله، فرجع إلى أصحابه ولم يرهم حتى نادوه، وذكر أنّ فيه وفى أبى جهل نزلت: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ. وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ
«١» .
وقد روى عن أبى هريرة أن أبا جهل وعد قريشا: لئن رأى محمدا- صلى الله عليه وسلّم- يصلّى ليطأنّ رقبته، فلما صلّى النبى صلى الله عليه وسلّم أعلموه فأقبل، فلما قرب منه ولّى هاربا ناكصا على عقبيه متّقيا بيديه، فسئل فقال: لما دنوت منه أشرفت على خندق مملوء نارا كدت أهوى فيه، وأبصرت هولا عظيما، وخفق أجنحة قد ملأت الأرض. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«تلك الملائكة لودنا لا ختطفته عضوا عضوا» ثم أنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى
«٢» إلى آخر السورة. وقد ذكرنا أيضا قصة شيبة بن عثمان بن أبى طلحة فى غزوة حنين. وعن فضّالة بن عمرو قال: أردت قتل النبى صلّى الله عليه وسلّم عام الفتح وهو يطوف بالبيت، فلما دنوت منه قال:«أفضالة» ؟ قلت: نعم، قال:«ما كنت تحدّث به نفسك» ؟ قلت: لا شىء، فضحك واستغفر لى ووضع يده على صدرى فسكن قلبى، فو الله ما رفعها حتى ما خلق الله شيئا أحبّ إلىّ منه.
ومنه خبر عامر بن الطّفيل، وأربد بن قيس، وقد تقدم ذكر قصتهما «٣» .
ومن معجزاته صلّى الله عليه وسلّم ما جمعه الله تعالى له من المعارف والعلوم، وخصه به من الاطلاع على جميع مصالح الدنيا والدين، ومعرفته بأمور الشرائع وغير ذلك، كاطلاعه صلّى الله عليه وسلّم على أخبار من سلف من الأمم، وقصص الأنبياء والرسل، وأخبار الجبابرة والقرون