للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن مراسلة الهمدانيّين والحميريّين، فنقبنا البيت من خارج، ثم دخلنا وفيه سراج تحت جفنة، والتقينا [١] بفيروز- وكان أنجدنا وأشدّنا- فقلنا: انظر ماذا ترى؟ فخرج ونحن بينه وبين الحرس معه فى مقصورته، فلمّا دنا من باب البيت سمع غطيطا شديدا، فإذا المرأة جالسة، فلمّا قام على الباب أجلسه الشيطان، فكلّمه على لسانه وإنه ليغطّ جالسا. وقال أيضا: مالى ولك يا فيروز! فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة، فعاجله فخالطه وهو مثل الجمل، فأخذ برأسه فقتله، فدقّ عنقه، ووضع ركبتيه فى ظهره فدقّه، ثمّ قام ليخرج، فأخذت المرأة بثوبه، وهى ترى أنّه لم يقتله، فقالت: أين تدعنى؟ قال: أخبر أصحابى بمقتله؛ فأنانا، فقمنا معه، فأردنا حزّ رأسه، فحرّكه الشيطان فاضطرب فلم يضبطه.

فقلت: اجلسوا على صدره، فجلس اثنان على صدره، وأخذت المرأة بشعره، وسمعنا بربرة [٢] ، فأمرّ الشّفرة على حلقه، فخار كأشدّ خوار ثور سمعته قطّ.

فابتدر الحرس الباب وهم حول المقصورة، فقالوا: ما هذا، ما هذا؟ فقالت المرأة: النبىّ يوحى إليه؛ فخمد، ثم سمرنا ليلتنا ونحن نأتمر كيف نخبر أشياعنا؛ ليس غيرنا ثلاثتنا [فيروز وداذويه وقيس] [٣] ، فاجتمعنا على النداء بشعارنا الذى بيننا


[١] ص: «واتقينا» .
[٢] البربرة: الصوت المختلط.
[٣] من ص والطبرى.