للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الكلبىّ: وإنّما قال ذلك أبو بكر مكيدة حتى يبلغ ذلك عدوّه فيرعبهم، وكان قد أوعب [١] مع خالد الناس، فخرج خالد، فازوار عن البزاخة وجنح إلى أجأ، وقدم عدىّ بن حاتم عليهم؛ ودعاهم إلى الإسلام؛ فأجابوه بعد امتناع، وقالوا له:

أخّر عنّا الجيش حتى نستخرج من ألحق بالبزاخة منّا، فإنّا إن خالفنا طليحة وهم فى يديه قتلهم أو ارتهنهم، فاستقبل عدىّ خالدا وهو بالسّنح، فقال: يا خالد، أمسك عنى ثلاثا؛ تجتمع لك خمسمائة مقاتل تضرب بهم عدوّك؛ خير من أن تعجلهم إلى النّار.

وتشاغل بهم، ففعل وعاد إليهم وقد أرسلوا إلى إخوانهم؛ فأتوهم من بزاخة كالمدد، ولولا ذلك لم يتركوا، فعاد عدىّ بإسلامهم إلى خالد، وارتحل خالد يريد جديلة، فقال له عدىّ: إنّ طيّئا كالطائر، وإنّ جديلة أحد جناحى طيّىء، فأجّلنى لعلّ الله أن ينقذ جديلة لك كما أنقذ الغوث؛ ففعل، وأتاهم عدىّ؛ فلم يزل بهم حتى بايعوه؛ فجاء بإسلامهم، ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب، فكان خير مولود ولد فى أرض طيّىء وأعظمه عليهم بركة.

قال هشام الكلبى: وسار خالد بن الوليد إلى طليحة، وكان أبو بكر رضى الله عنه قد جعل ثابت بن قيس على الأنصار وأمره إلى خالد، فلمّا دنا خالد من القوم، بعث عكّاشة بن محصن، وثابت ابن أقرم بن ثعلبة العجلانىّ البلوىّ حليف الأنصار [٢] طليعة؛ حتى إذا


[١] أوعب الناس: جمعهم.
[٢] الطبرى: «أحد بنى العجلان» .