للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دنوا من القوم خرج طليحة وأخوه سلمة ينظران ويسألان، فلقياهما فبرز سلمة لثابت، وبرز عكّاشة لطليحة، فأما سلمة، فلم يمهل ثابتا أن قتله، ونادى طليحة أخاه حين رأى أن قد فرغ من صاحبه أن أعنّى على الرّجل [فإنّه آكل] [١] ، فاعتونا على عكّاشه [٢] ، فقتلاه ثم رجعا، وأقبل خالد بالناس، فمروا بثابت بن أقرم قتيلا، فلم يفطنوا له حتى وطئته المطىّ بأخفافها، فكبر ذلك على المسلمين، ثم نظروا فإذا هم بعكّاشة صريعا، فجزع لذلك المسلمون وقالوا:

قتل سيّدان من سادات المسلمين، وفارسان من فرسانهم.

قال: ثمّ التقى المسلمون بطليحة ومن معه على بزاخة، واقتتلوا أشدّ قتال، وطليحة متلفّف فى كسائه بفناء بيته يتنبّأ لهم بزعمه، وكان عيينية ابن حصن بن حذيفة الفزارىّ مع طليحة فى سبعمائة من بنى فزارة يقاتل قتالا شديدا، فلما اشتدّ القتال كرّ عيينة على طليحة، فقال: هل جاءك جبريل بعد؟ قال: لا؛ فرجع فقاتل حتى إذا ضرس [٣] القتال، وهزّته الحرب كرّ عليه، فقال له: لا أبا لك! هل جاءك جبريل بعد؟ فقال: لا، فقال عيينة: حتى متى؛ قد والله بلغ منّا! ثم رجع فقاتل؛ حتى إذا بلغ كرّ عليه فقال: هل جاءك جبريل بعد؟

قال: نعم؛ قال: فما قال لك؟ قال: قال لى: «إنّ لك رحا كرحاه.

وحديثا لا تنساه» . قال عيينة: قد علم الله أن سيكون لك حديث لا تنساه، ونادى عيينة: يا بنى فزارة؛ هكذا فانصرفوا، فهذا


[١] زيادة من الطبرى.
[٢] اعتونا: تعاونا.
[٣] ضرس القتال: اشتد، وفى ك: «ضرس من القتال» .