للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسد، فأصابه ذلك، فقال: إلىّ أيها الناس؛ أنا البراء بن مالك؛ وقاتل قتالا شديدا، فلمّا دخل بنو حنيفة الحديقة، قال البراء:

يا معشر المسلمين، ألقونى عليهم فيها. فقالوا: لا نفعل، فاحتمل حتى أشرف على الجدار واقتحمها عليهم، وقاتل على الباب، وفتحه المسلمون، ودخلوا عليهم، فاقتتلوا أشدّ قتال، وكثر القتل فى الفريقين، فلم يزالوا كذلك حتى قتل مسيلمة، واشترك فى قتله وحشىّ، مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة بن عبد المطّلب، ورجل من الأنصار، فولّت حنيفة عند قتله منهزمة، وأخذهم السّيف من كلّ جانب. وقتل محكّم اليمامة، قتله عبد الرحمن بن أبى بكر الصّديق، رضى الله عنه؛ رماه بسهم فى نحره وهو يخطب ويحرّض الناس فقتله، وقتل من المهاجرين والأنصار من أهل المدينة ثلاثمائة وستّون، ومن المهاجرين من غير المدينة ثلاثمائة، وقتل من بنى حنيفة بعقرباء سبعة آلاف، وفى حديقة الموت مثلها، وفى الطّلب نحو منها؛ وخرج خالد بمجّاعة يرسف فى الحديد ليدلّه على مسيلمة، فجعل يكشف القتلى حتى مرّ بمحكّم بن الطّفيل، وكان رجلا جسيما وسيما، فلمّا رآه خالد قال: هذا صاحبكم؟ قال: لا، هذا والله خير منه وأكرم؛ هذا محكّم اليمامة. ثم مضى حتّى دخل الحديقة، فقلّب له القتلى، فإذا رويجل أصيفر أخينس [١] . فقال مجّاعة: هذا صاحبكم قد فرغتم منه؛ فقال خالد لمجّاعة: هذا فعل بكم ما فعل! قال؛ قد كان ذلك يا خالد. وإنّه والله ما جاءك إلّا سرعان [٢] الناس،


[١] أخينس، تصغير أخنس، والخنس محركة: تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل فى الأرنبة.
[٢] سرعان الناس: أوائلهم.