للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّ جماهير النّاس لفى الحصون، فقال: ويلك، ما تقول! قال:

هو والله الحقّ، فهلمّ لأصالحكم على قومى.

وجاء عبد الرحمن بن أبى بكر وعبد الله بن عمر إلى خالد، فقالا له: ارتحل بالنّاس، فانزل على الحصون، فقال: دعانى أبثّ الخيول فألتقط من ليس فى الحصون ثم أرى؛ فبثّ الخيول فحووا ما وجدوا من مال وصبيان، فضمّوهم إلى العسكر، ونادى بالرحيل لينزل على الحصون، فقال له مجّاعة: إنّه والله ما جاءك إلّا سرعان النّاس، فإنّ الحصون لمملوءة رجالا، فهلمّ إلى الصلح على ما ورائى، فصالحه على كلّ شىء دون النّفوس؛ ثمّ قال مجّاعة:

أنطلق إليهم فأشاورهم، وننظر فى هذا الأمر، ثم أرجع إليك، فدخل مجّاعة الحصون وليس فيها إلا النّساء والصّبيان ومشيخة فانية، ورجال ضعفى [١] ، فظاهر الحديد على النّساء، وأمرهنّ بنشر شعورهنّ، وأن يشرفن على رءوس الحصون حتى يرجع إليهم، ثم رجع إلى خالد، فقال: قد أبوا أن يجيزوا ما ضيّعت، وقد أشرف لك بعضهم نقضا علىّ، وهم منّى براء، فنظر خالد إلى رءوس الحصون:

وقد اسودّت وقد نهكت المسلمين الحرب، وأحبوا أن يرجعوا على الظّفر. فقال مجّاعة لخالد: إن شئت صنعت شيئا، فعزمت على القوم؛ تأخذ منى ربع السّبى وتدع ما بقى؛ فقال خالد: قد فعلت.

قال: قد صالحتك، فلما فرغا فتحت الحصون، فإذا ليس فيها إلّا النساء والصّبيان. فقال خالد لمجّاعة: ويحك! خدعتنى. فقال:

قومى، ولم أستطع إلا ما صنعت.


[١] الطبرى: «ضعفاء» .